الجمعة، 28 فبراير 2014

ثروة اللغة


اللغة هي ذاك الجسر الذي يقل الأفكار من داخل العقل إلى خارجه ،لغتك هي وعي اللاوعي منك  ،فحين تقرأ ،تبحث أو تستمع أنت تثري لغتك دون وعي منك ،أما حين تكتب أو تتحدث نحن بصدد التعرف على الوعي من لغتك .يقول أدونيس الشاعر والفيلسوف "قل لي ما لغتك أقول لك من أنت " لم تكن جملة مبتذلة فهو يدرك أن اللغة فكر وكلاهما واحد !

هل كل أديب مفكر أم كل مفكر أديب ؟ !

لنتفق أولا أن الأدب لغة وفكر ! فلا شأن لفكر يعجز صاحبه عن نقله للآخر .بل أن بعض اللغويين أمثال ماكس موللر استحالوا وجود أفكار دون لغة ! لاعتقادهم أن التفكير لغة دون صوت .بالمناسبة حين نذكر الفكر فنحن نطرق أولى درجات الفلسفة التي تُعد نقطة الانطلاق الأولى للفكر الإنساني .لذا نلاحظ اهتمام الفلاسفة القدماء وحتى المعاصرين منهم باللغة .فقد كان سقراط كما ذكرت كتب الفلسفة يوصي مخاطبيه بتحديد الألفاظ التي يستعملونها لاعتقاده أنها مفاتيح التفكير .إذن لا فكر دون لغة وأنت لست بأديب دون فكر !

لو كانت اللغة لدى الفلاسفة بهذه القيمة ، فلماذا أفلاطون طرد الشاعر والرسام من جمهوريته الفاضلة ?! يقول أفلاطون في كتابه الجمهورية الفاضلة "أن الشاعر كما الرسام يرسم دون أن يعرف شيئا عما يرسمه ويقدمه إلى أناس لا يعرفون عن الأمر أكثر منه "هو أعتمد في ذلك الحكم على محاكاة الشاعر أو الفنان للحقيقة واعتقاده بأنه بتلك المحاكاة بعيداً كل البعد عن الحقيقة ,أو يقع في مراتب متأخرة عنها ! بيد أن السبب المنطقي لطرده لكل من الفنانين والشعراﺀ هو أن (المبدع ( دائما وأبدا لا يرضى بدور مقنن وهو ما ينافي قانون الجمهورية الفاضلة .فالمبدع ثورة بحد ذاته ,لأنه يمزج بين فكره ولغته ،وبذاك المزيج يتمكن من عقل المتلقي وهو ( الجانب الأعلى في الإنسان ) و يستحوذ على حواسه (وهي الجانب الأدنى منه) ولأن أفلاطون "الشاعر في صباه "على دراية تامة بتلك الثورة الكامنة فمن الحكمة أن يحذر الآخر منها.

السؤال الآن متى يكون الكاتب مفكر ?وهل هو كذلك حقا?!

 نعم هو كذلك حين يعبر بلغة جيدة تنضح عن فكره الخاص لا عن أفكار مكتسبة من هذا وذاك! وأقول فكر خاص لأن التفكير في التفكير لم تعد مسؤولية الفيلسوف فقط .لان للفكر وظيفة التفكير وللغة وظيفة التعبير .لغتك هي فكرك .ارقى بها ترتقي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق